المناصرة الرقمية لقضية الاسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال: دراسة تحليلية بين الواقع ورؤية الاسرى المحررين في الصفقة

الملخص

تسعى هذه الدراسة إلى تحليل واقع المناصرة الرقمية لقضية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، من خلال استكشاف التباين بين الخطاب الرقمي المنتشر وواقع تجربة الأسرى المحررين. انطلقت الباحثة من مرحلة ما بعد 7 أكتوبر 2023 وما تلاها من تصاعد في الاهتمام الرقمي إثر صفقة تبادل الأسرى في مطلع عام 2025، والتي شملت عددًا من أصحاب الأحكام المؤبدة والعالية، اعتمدت الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي النوعي، مستخدمةً مقابلات معمقة مع تسعة أسرى محررين من خلفيات وتجارب تنظيمية مختلفة. واستند التحليل إلى نظرية جرونيج الظرفية في الاتصال، التي تم استخدامها لتقييم سلوك الجمهور الرقمي عبر ثلاث متغيرات: إدراك المشكلة، إدراك القيود، ومستوى المشاركة. وقد أثبتت النظرية ملاءمتها في تحليل الواقع الرقمي الفلسطيني، مع توصية بتوسيعها لتشمل السياقات القمعية في ظل الاحتلال.توصلت الدراسة إلى أن الخطاب الرقمي السائد يعاني من سطحية واستهلاكية، ويقدّم الأسرى في إطار فرداني وعاطفي بعيدًا عن تمثيلهم كجزء من مشروع تحرري جمعي. كما أن المشاركة الرقمية غالبًا ما تقتصر على الرمزية (إعجاب، مشاركة) دون فعل سياسي ملموس، وهو ما يُعزى إلى غياب خطاب تحليلي مؤطر، وضعف التنسيق المؤسسي، وغياب منصة وطنية موحدة للخطاب الأسير.ورغم بروز بعض الحملات الرقمية الناجحة مثل "نفق الحرية" و"أنهار الديك"، إلا أنها بقيت جهودًا فردية محدودة التأثير الدولي ويفتقر أغلبها إلى الاستمرارية والتراكم. كما أشارت شهادات الأسرى إلى وجود قيود أمنية على مشاركتهم بعد التحرر، ما يعيق دورهم في تعزيز الخطاب، إلى جانب انتقاداتهم للتوظيف السياسي والإعلامي الذي يُضعف مصداقية بعض الحملات الرقمية.توصي الدراسة بإنشاء منصة رقمية وطنية موحدة تتيح مشاركة الأسرى المحررين، وتطوير خطاب تحليلي متعدد اللغات، إضافة إلى تشبيك الجهود الرقمية مع أدوات الضغط القانونية والبرلمانية الدولية. كما تؤكد أن بناء مناصرة رقمية فعّالة يتطلب تجاوز الطابع الموسمي والعاطفي نحو هندسة خطاب استراتيجي تحرري نابع من التجربة الأسيرة نفسها، يعيد تشكيل الوعي الجمعي الفلسطيني والدولي ضمن منظومة إعلامية حقوقية شاملة.